يرجى الانتظار ...

تغيير النظام السياسي ليس تغيير المنظومة السياسية بل ترسيخ لها

تغيير النظام السياسي ليس تغيير المنظومة السياسية بل ترسيخ لها

تغيير النظام السياسي ليس تغيير المنظومة السياسية بل ترسيخ لها حصر المشكلة في طبيعة النظام السياسي، هل يختلف في شيء، من ناحية الإشكاليات التي يطرحها عن "منطق الإنتقال الديمقراطي"؟ في صلبه، لا يتجاوز الصراع حدود نفس المربع: طريقة تصعيد المشاركين في إدارة الدولة. هذا ليس تناقضا مع المنظومة كما يريد أن يقنعنا الرئيس: نحن لا نزال في ذات المنظومة، والأمر يتعلق باختلاف في التفاصيل. تغيير المنظومة، هل المقصود به تغيير طريقة الإنتخاب فحسب؟ هذا لا يغير المنظومات. حتى تغيير "طبيعة نظام الحكم" لا يغير المنظومات القائمة. طريقة الحكم، وطريقة اختيار من يحكم هو غلاف المنظومات، وليس كُنهها. المنظومات تقوم على توزيع معيّن للمصالح التي تنشئ الشبكات والتضامنات. المنظومة هي تلك البنية التحتية القائمة على المصالح والتي تنشئ بالتدريج والإستقرار بُنيتها الفوقية، وهذه الأخيرة بإعلامها وثقافتها ونخبها المفكرة، تسمح بتبرير بقاء نظام المصالح ذاك. سؤال: هل أن تغيير نظام الإنتخاب، وحتى نظام الحكم، يغير فعلا طبيعة المنظومات؟ لا. مطلقا. طالما أن الحاجة لتغيير المنظومات لا تنشأ من رفض للتوازنات التي تقوم عليها البُنى التحتية للمنظومات، فإن أي تغيير في نظام الإنتخاب ونظام الحكم، لا تأثير له مطلقا. هناك تغيير، وهناك وهم تغيير. ما نتحدث عنه هنا هو وهم التغيير. الحديث عن تغيير المنظومة السياسية مثلما نسمعه اليوم، هو في أقصى طموحه تغيير للنظام السياسي، أو على وجه أدق، تغيير لنظام الحكم. أما المنظومة فهي مستقرة على نظام مصالح لا يمس تغيير نظام الحكم منه شيئا. من يطمح لتغيير المنظومة السياسية يجب عليه أن يطرح تغيير الأسس التي تقوم عليها تلك المنظومة، وهي اقتصادية واجتماعية وثقافية بالأساس. هل هناك نقاش اليوم على هذا الأساس؟ لا. بالمطلق لا. حتى إن مضى الرئيس في إنجاز البرنامج الذي يتحدث عنه، وحتى إن نجح في ذلك، فلن يتغير شيء في تلك المنظومة. ما سيحققه، في الأقصى، هو ترسيخ لنفس المنظومة ومنحها فرصة تجديد نفسها للإستمرار. الأمر متعلق بتحسين مسكن، لا يغير من مساحة السكن شيئا: دَرَج جديد هنا، طلاء جديد هناك، ولكن الفضاء نفسه، والأسس لا تُمس.
  • 16 سبتمبر 2021