يرجى الانتظار ...

تركيبة

تركيبة

تركيبة "البرلمان الجديد" مثل كل المناسبات التي دعا فيها قيس سعيد الناس للتعبير (الإستشارة، التظاهر) أو الإقتراع (دستور، انتخابات بدور أول ودور ثان) لا تدع مجالا للشك في استناده إلى مزاج عام أكثر من استناده لقوة ميدانية أو شرعية يمكن ترجمتها واقعيا عندما يتغير ذلك المزاج العام. لقد وضع قيس مؤسساته الجديدة، ولكن بأي أناس؟ وبأي قدرة حقيقية على الإستمرار؟ قيس تعبير عن مزاج عام للشعب، وليس عن "إرادة الشعب" مهما اعتقد العكس. وبما أنه يعرف أن هذا المزاج مزاج، وأن كل مزاج هو نتاج انطباع وقابل للتغيير، فإنه يحتاج إلى المحافظة عليه متحفزا، ولا سبيل لذلك سوى عن طريق استثارة المشاعر والغرائز. ذلك ما يفسر الحاجة لكل تلك النماذج المثيرة للغثيان التي أصبحت تحتكر المشهد، وتدعي انتماءها أو دفاعها عن "المشروع". تلك هي مهمتها في الحقيقة، الترذيل، وإثارة الأحقاد والغبار. هو ببساطة لا يحتاج عقولا، وإنما فقط من يثير الغبار. هذا عنصر أساسي في كل الشعبويات، الحكم بالغرائز، استهداف فئة جديدة في كل مرة وإثارة الأحقاد ضد النخب أو الأجانب، افتعال كل ما من شأنه إبقاء الشعب متحفزا ضد النخب بتخوينها والحط من قدرها، ثم اصطيادها لإدامة الحكم العاجز والتغطية على العجز عن حل أي مشكل حقيقي. في لحظة ما، لن يعود ذلك كافيا، وسينقلب المزاج. لا أحد يفطر مؤامرات، ويتعشى نخبا، ويتسحر حقدا. في لحظة ما سيتوجب إعطاء الشعب بعض الخبز، ذلك أن الفرجة وحدها تسليه ولا تشبعه، لا قليلا ولا كثيرا. في لحظة ما، سيتوجب إيجاد حلول حقيقية للمشاكل الحقيقية. هذه ليست رغبة. هذا منطق التاريخ والإجتماع والسياسة.
  • 15 مارس 2023