المهمة الأولى
المهمة الأولى "للخيار الثالث": عدم الخضوع للإستقطاب
من يريد أن يفهم ما يحصل اليوم عليه العودة لسياق الإنتخابات التشريعية الأخيرة وما بعدها حتى سقوط حكومة الجملي ثم ظروف تشكيل حكومة الفخفاخ وسقوطها. هناك صراع من أحل أن يفرض خيار ثالث نفسه، وهناك صراع أشد من أجل ألا يظهر ذلك الخيار. صراع النهضة مع الشعب والتيار الذي يأخذ أشكالا مختلفة هو الوجه الأوضح في هذا الصراع.
عندما تنظر لعبير موسي، تفهم أن المنطق نفسه تقريبا: المزايدة في مواجهة النهضة بطريقة محرجة لحلفائها الطبيعيين من الأحزاب الأخرىمما تجعلهم عاجزين عن مواجهة النسق، حتى يأتوا إليها في النهاية طائعين. هي لا تفتح معهم أدنى قنوات حوار، ولكن زيادة حدة الإستقطاب ستجعلهم يذوبون تماما مع إقتراب الإنتخابات.
الأولوية اليوم هي المحافظة على الإمكانية النظرية لظهور الخيار الثالث. هذا الخيار موجود اليوم في البرلمان، وهو يحتاج كثيرا من الحكمة حتى لا يسقط ضحية الإستقطاب الحالي والذي سيستمر في التعاظم كلما إقتربنا من الإنتخابات. هذا يتطلب عملا كثيرا على سبيل المثال داخل الكتلة الديمقراطية، ويتطلب أيضا إنفتاحها على قوى أخرى في المجلس خصوصا. الجهد المبذول في هذا الإتجاه لا يزال محتشما، وهذا خطير لأنه سيضعف، موضوعيا، كل الإمكانيات النظرية لتقديم خيار ثالث للناخبين. هناك أيضا ممارسات هاوية تزيد في حدة هذا التقصير، ونوع من الفراغ القيادي المُربك الذي يحب تداركه في أقرب وقت. هذا الفراغ القيادي خطير لأنه يضعف المناعة ضد الإستقطاب ويترك المجال واسعا أمام ارتكاب الأخطاء القاتلة.
سيبدأ الحديث عن تشكيل حكومة جديدة قريبا. بعد أسابيع قليلة فقط. وهذا يجعل إنفتاح الكتلة الديمقراطية أمرا مستعجلا، والأكثر استعجالا منه خروجها من وضعية الإرتباك الراهنة. هناك جهد أكبر يجب بذله تجاه رئيس الجمهورية أيضا من أجل ألا تكون كل خيارات التكليف سيئة. هذه مشكلة كبيرة بالفعل لأن الرئيس لا ينفتح إلا بمقدار ضئيل على مثل هذه النقاشات لحد الآن. هذا نقص قد يسقط إمكانيات كثيرة في الماء.
لكن الأولوية تبقى عدم السقوط في الإستقطاب الراهن بين النهضة والدستوري الحر. السقوط في هذا الإستقطاب هو تسليم البلاد لخيار تواصل المأساة التي نعيشها منذ سنوات، لأن هذا الإستقطاب لن ينتهي ولو انتصر اليوم فيه أحد الطرفين على الآخر. هذه مهمة مركزية واستراتيجية لكل من يعتقد أنه معني بتأسيس خيار ثالث. فيما عدا ذلك، لا مجال سوى لتكرار المأساة.