يرجى الانتظار ...

السؤال الذي يسبق غيره لدى عديد المتحزبين

السؤال الذي يسبق غيره لدى عديد المتحزبين

السؤال الذي يسبق غيره لدى عديد المتحزبين، ممن يتوجسون من أن الأمور تفلت من بين أيدي زعاماتهم يوما بعد يوم، هو التالي: "هل يوسف الشاهد ثوري؟"، والمعنى من ذلك كيف لحكومة اقترح الشاهد، مع غيره، رئيسها، أن تكون ثورية، وكيف للأحزاب الثورية (القصد هو التيار والشعب) أن تقبل بحزب الشاهد في إئتلاف حاكم معها، وهو من هو. الحقيقة أن السؤال هنا يبدو، نتيجة بعض الخجل، مطروحا بطريقة غير التي ورد بها على ذهن أصحابه، وأن المعنى الحقيقي هو: إذا دخل الشاهد الحكومة، فلماذا لا يدخلها القروي، فكلاهما "مشبوه"، وكلاهما غير ثوري، بل "يعبران عن المنظومة القديمة"، وبالتالي فأين المشكل؟ بدأ هذا السؤال يطرح بطريقة أخرى منذ سقوط حكومة الجملي: الشاهد والقروي والتيار والشعب، معا، أسقطوا حكومة الجملي، وبالتالي فهم حلفاء موضوعيون لبعضهم البعض، وبالتالي فلا أحد يمكن أن يلوم النهضة على نوعية التحالفات التي تعقدها، وقبل ذلك قال زعيم لهم "لا أخلاق في السياسة". هنا يجب أن نذكر ببديهيات، وأن نطرحها في شكل تساؤلات: لولا النهضة، ومساندتها، ولعبها على التناقضات في العائلة الندائية، وإسنادها غير المشروط للشاهد، وتقاسمها معه التعيينات من أعلى السلم إلى أدناه، هل كان بالإمكان بناء زعامة للشاهد؟ هل كان يمكن أن يستمر في الحكومة لحوالي الأربع سنوات؟ لنذكر عرضا بأن النهضة كانت تعتبر كل الإتهامات ضد الشاهد بأنها محض افتراءات، وأن حكومته-حكومتها، لا يأتيها الباطل من أي مكان. وبالتالي، فأي نهضة نصدق؟ النهضة التي رأتةفي الشاهد زعيما جديدا صاعدا للعائلة الندائية؟ أم النهضة التي أفلت منها الشاهد وأصبح يناور بما يتماشى مع مصاحته فقط؟ سؤال آخر، إذا صدقنا ما قالته النهضة باستمرار، من أنها لن تتحالف أبدا مع قلب تونس بسبب شبهات الفساد القوية، وإءا كانت اليوم أصبحت تعتبر الشاهد أيضا فاسدا، فهل الهدف هو إغراق الحكومة القادمة بالفاسدين؟ والآن: إذا كانت النهضة قد تعودت الإنقلاب على حلفائها، وتعودت في كل مرة تبرير كل انقلاب في تلك التحالفات، وتصويره كعملية انقاذ للمسار الديمقراطي وللسلم المدني، وتقيم كل مرحلة تقييما متناقضا، بل ووصلت إلى الإعتذار عن سياسات تبين لبعض زعاماتها أنها خاطئة، وأنها اضطرت إليها اضطرارا، فمالذي يمنع غيرها من أن تكون له سياساته الخاصة؟ وأن يخطئ هو الآخر في سبيل انقاذ المسار الديمقراطي والسلم المدني؟ لماذا تعتبر النهضة أن لها الوصاية الكاملة على ذلك المسار وتلك السلم، مهما كان الاتجاه الذي تسلكه سياستها؟ لماذا تستسهل قيادات النهضة اتهام الآخرين باليسروية والتآمر والاستئصال، ولا تقبل أن يتهمها الآخرون بالغرور والصلف والمهادنة والسمسرة؟ كابوس الاستئصال، مثلما تعبر عنه قيادات النهضة، وتتهم به الخصم والصديق، هل أضحى مجرد ذريعة لكل الخطايا، ومجرد أداة لرص صفوف أبنائها، بالتخويف والدعوة للوحدة مهما كانت تلك الخطايا؟ هل أضحى خطاب الاستئصال مجرد رأسمال تجاري للدعاية النهضوية وخوفا مصطنعا وتخويفا لغايات تكتيكية؟ إذا لم تكن النهضة تثق في شركائها في "الانتقال الديمقراطي" وتعتبر أنهم خصوم وأعداء محتملون، فكيف يمكن ان تبني معهم شيئا يبقى؟ إذا كانت النهضة تعتبر من يخالفها التوجه عميلا محتملا، أو عدوا محتملا، فما هو مقدار ثقتها الحقيقي في كل الشركاء المحتملين؟ وفي المقابل، إذا كانت تتصرف كذلك، ماهو مقدار ثقة أولئك الشركاء المحتملين فيها في أي التقاء مستقبلي؟ هذه تساؤلات، مجرد تساؤلات. لكن في كل الأحوال، من يفعل كل ما في وسعه للتحالف مع قلب تونس ورهن كل شيء بهذا التحالف، لا ينبغي أن يلوم أحدا على التفكير بالإلتقاء مع تحيا تونس.... في كل الحالات، الإلتقاء مع "تحيا" أكثر أخلاقية من التحالف مع "قلب"... على الأقل، هم رشحوا من هو قادر على حمل حلم في تغيير حقيقي، في حين رشح "قلب" ورشحتم، من لا يعد بشيء، غير تواصل توافق سمسرة وإحباط... لم يكونوا أذكى فحسب، كانوا أكثر استعدادا لبناء الحلم ، وكنتم، مثل حلفائكم، أكثر استعدادا لإعادة بناء نفس الكابوس...
  • 24 يناير 2019