يرجى الانتظار ...

نص آخر

نص آخر

نص آخر ... كتبتُ في نقد النهضة عشرات النصوص، لذلك فلم تسؤني كثيرا ردود توابعهم على نص البارحة لأنني تعودتهم، وأدركت منذ سنين ألا قاع لهم. لو علموا أي ابتسامة ترتسم على وجهي عندما أقرأ تجشؤاتهم، لفهموا بأي روح أكتب، ولأدركوا أن ما يفعلونه أقل تأثيرا علىَّ من البعوض. معنى ذلك أنني سأواصل، ومعنى ذلك أن ما يفعلون لا تأثير له في نفس من خبرهم، ومن لا ينتظر منهم غير ما يقدرون عليه... ما كان يمكن أن يسبب بعض الألم هو انتظاري نقاشا في الفكرة، ولكنك حين تتعلم بالتجربة أن القوم مازالوا في مرحلة الغريزة وما قبلها، فإن ذلك لا يسوءك كثيرا كثيرا... يُنتظر القطار في المحطة، ولكن إذا لم تكن هناك سكة، فأنت تعرف بالعقل أنه لن يكون هناك قطار ! أعود فأقول، وإنني أزداد تأكدا من ذلك كل عام، بل كل يوم وكل ساعة، أنهم أسوأ ما يمكن أن تنتج السياسة في هذه البلاد. غريزة جهلاء، وقلة مروءة وانعدام معروف. عندما أعد منهم من لا تتوفر فيه هذه السيئات، وهم كثير، أقول ماذا يفعلون معهم إلى حد اليوم؟! غير أنني لا أتحدث عن أشخاص، بل عن هيكل معنوي يفترض أنه حزب، أراقب مواقفه وأطالع نصوصه وأتابع تحولاته. التهجم عليّ في شخصي لا يؤكد إلا ما رسخ في نفسي كحقيقة عبر تجربة سنوات عشر: أنتم سيؤون جدا ! لكن بالرغم مما كتبت من نصوص، فإن ما تستحقونه هو كتاب أو كتابان، وسيأتي أوان ذلك. وإني عدكم بالكثير الكثير... منذ عشر سنوات خلت، بل منذ أكثر من ذلك، كنت أُعَد صديقا لكم، وكنت أَعُدُّكم أصدقاء. وهذا ما يؤلم بعضكم حقيقة، لأنهم يعرفون أن موقفي منكم ليس إيديولوجيا قبْليا. كثيرون منكم يعرف تعاطفي معكم أيام الجامعة، وما بعد الجامعة، وآخرون يعرفون أكثر من ذلك. موقفي منكم صهرته التجربة، والمقارنة، والمسافة. لذلك هو موقف القراءة وليس موقف الغريزة. أليس غريبا أن أضيع عشر سنوات في الوصول بالعقل إلى نفس النتيجة التي وصل إليها غيري بمجرد الغريزة؟ لا، لست نادما على هذه السنوات العشر، لأنني بنيت بنفسي هذه القناعة ولم أرثها. لقد خبرتكم من مواقع عديدة، وأعرف سمك القِشرة التي تظهرونها للناس، وأعرف ما فوقها وما تحتها. ثم يأتي بعض الدهاقنة ليقول أنني أسعى بمهاجمتكم لموقع؟ ألا تبا لكم ولكل موقع يجعلني مجددا في نفس المكان معكم، أو قريبا منكم، أو شريكا لكم. ثم يتحدث آخرون عن الغدر! هذا لا يُرد عليه بنص، هذا يُرد عليه بكتاب، وسيأتي، وسيخلد تاريخ الغدر والخديعة في السنوات العشر الأخيرة... "عدنان موسي" كتب أحد مرتزقتكم... وهل أنتم أفضل من موسي؟ وفيم كنتم أفضل؟ تعاستان متوازيتان ستبقى البلاد منهما في معاناة وقهر... لستم أقل سوءا منها، ولستم أكثر سوءا منها، وعلى من أراد من ناس هذا البلد أن ينجيها، أن يقاوم الميول المشتركة بينكما للهيمنة والغطرسة والخداع والإحتيال. لستم أقل سوءا، ولو بقيد أنملة ! كتبت وتكلمت في نقد الجميع ودون استثناء، ولكنكم كنتم الأسوأ دائما في التعامل مع النقد. هل تصدقون فعلا أنكم حزب مقدس فوق النقد؟ وهل تعتقدون أن كل الناس يزحفون على بطونهم؟ وهل تعتقدون فعلا أن ما يصنع الموقف هو الموقع؟ وأن للجميع أثمانا تدفع من خزينة الدولة؟ ما هي مصداقية هجماتكم وقد كنتم قبل أيام تهللون لنصوص كتبتها في نقد قيس سعيد مثلا؟ أكتب بنفس الروح، كتابة من لا ينتظر منكم ومن غيركم شيئا، كتابة من رزقه الله والدين ربَّوهُ على القناعة، وكتابة من لا يستطيع أحد له شيئا. فلا بارك الله في موقع أغناني الله عنه، ولا يأتي إلا ثمن صمت لا أحسنه.
  • 05 سبتمبر 2020