يرجى الانتظار ...

مايزيد تعميق الأزمة عنصران

مايزيد تعميق الأزمة عنصران

مايزيد تعميق الأزمة عنصران: عدم اعتراف مكونات المنظومة الحزبية بأن منظومتها في أزمة، ولا تنتج إلا أزمة وراء أخرى، دون آفاق حقيقية لحل دائم أو متوسط المدى. وعدم اعتراف السيد رئيس الجمهورية بأن ما يطرحه من أفكار هو أقل من أن يطمئن بقية الفاعلين، رغم أزمتهم الهيكلية تلك. هناك منظومة تأكدت أزمتها، وفي المقابل فإن وعد التغيير يأتي من مجموعة من الأفكار التي يعوزها (على الأقل بالطريقة التي يقع استعمالها للتعبير عنها) أن تشكل منظومة قادرة على التجاوز والبقاء. أزمة واقع وضبابية حلم. طبيعي في حالة التمترس الحالية أن ينغلق كل على نفسه، وأن تعتقد "المنظومة" أن ذلك "الحلم" غير عقلاني ومهدد، وأن ينكفأ "الحلم" على نفسه فيهمل تعقيداته ولا يعبر عن نفسه إلا برفض كل ماهو قائم دون قدرة على صياغة ماهو ممكن. الصراع لم يعد داخل المنظومة الحزبية والسياسية التي تعتمد تقنيات التداول كما توقعها الدستور، لكنه يبقى، بحكم تناقض المنطلقات، صراعا غير عقلاني. لكن آن الأوان للاعتراف بأن أزمة للمنظومة الحزبية والسياسية وحتى الدستورية، إنما تنطلق في صميمها من إنفصالها عن انتظارات الناس، وهو ما أعطى لمجرد شعارات يرمز لها قيس سعيد كل ذلك الزخم الذي ظهر في الانتخابات. فقط المرتبطون عضويا بالمنظومة الحزبية هم الذين مازالوا يعتقدون أن أزمتهم مرتبطة "بالروداج" الضروري للدستور ومؤسساته (انظر مثلا كيف تحول اليوم النقاش حول تركيز المحكمة الدستورية إلى نقاش لم يعد يخفي السؤال العبثي: من يتحكم في تأويل الدستور؟). لعل أول خطوة أمامهم اليوم هي ذلك الاعتراف الشجاع بذنبين ظاهرين: الأول أن الدستور، على الأقل بشكله الحالي، قاصر عن تركيز منظومة سياسية مستقرة. والثاني أن إنفصالا تراجيديا لا ينفك يترسخ بين ما جُعلت من أجله نظريا كل المنظومة السياسية والحزبية، وبين ما يريده الناس. طيب: ماذا يريد ااناس؟ ببساطة: أن يحصل شيء ما يجعل تلك المنظومة مستجيبة لا لرغبات الفاعلين فيها، ولكن لرغبات الذين صعّدوها. الأزمة أعمق: غربة متعاظمة بالنسبة للمؤسسات التي تسير في واد، والأفكار الهلامية التي تسير في أودية أخرى، والتي لا يجمع بينها إلا اليأس من وادي المؤسسات. الأزمة في نظري تقع هنا بالضبط.
  • 13 مايو 2020