يرجى الانتظار ...

جدل واعد في النهضة

جدل واعد في النهضة

جدل واعد في النهضة: التمساح والمائة المزعِجون جزء هام مما يحدث سياسيا في البلاد مرتبط بحركة النهضة. هذه ملاحظة موضوعية. تطور الوضع داخل النهضة أمر يهم كل الساحة السياسية لأن له تأثيرا مباشرا عليها. هذه ملاحظة موضوعية أيضا. ما يحدث من جدل حول موقع الغنوشي بعد المؤتمر القادم، والأدبيات التي تنتجها بعض وجوه مجموعة المائة في رفضها للمس بروح الممارسة الديمقراطية والتمسك بالتداول والتجديد أمر إيجابي لكل الساحة السياسية. في مرحلة معينة تتحول الأحزاب إلى هيكل بلا روح، يتحرك فيه الأتباع بما يشبه دورانا بلا نهاية ولا قيمة ليس حول أفكار، وإنما حول أشخاص. هناك رابطة مصلحة يقع نسجها بالتدريج مع مجموعات هشة سياسيا وفكريا: المال، التقريب في المواقع، وغيرها من وسائل الزبونية السياسية التقليدية. هذه اسمها طُرُقية سياسية وهي مرحلة من مراحل صناعة الأصنام تحت مسمى الزعماء التاريخيين الذين لا يخضعون لقوانين السياسة والحياة. الزعيم هنا يصبح أسيرا لبطانته، ولغروره، ولاعتقاده الغريب أنه من طينة خاصة. فساد الزعيم (بمفهوم السياسة الزبونية والإعتماد على الجناح الإنتهازي وتفضيله مصلحته الخاصة على المصلحة العامة) يصبح مقبولا بل ومنهجا يجد له الإنتهازيون كل المبررات ليبدو وكأنه هو السياسة الحقيقية (موضوع "السياسة الشرعية" الذي يعرفه المؤرخون جيدا مدخل جيد لفهم هذه الظاهرة). هناك في مثل هذه المنعرجات التاريخية ظاهرة يسميها الحمقى "قتل الأب"، ليس لأنها كذلك، بل لأنها بهذا الإسم ترضي غرور الزعيم أولا، ولأنها تجعل المعارضين له في موقع القتلة ثانيا. هذا كفيل بتقوية التفاف الرعاع حول الزعيم الذي يلعب في هذه المرة دور الضحية. هذه الظاهرة ليست إذا قتل الزعيم، وإنما المحاسبة السياسية. إنها السؤال التالي: إلى أين نمضي؟ وما هو الأهم؟ موقع الزعيم، أم استمرار "المشروع" ؟. بديهي أنه من الجهة الأخرى، يعتبر الزعيم نفسه أنه هو المشروع. أما الرعاع، فهذا نقاش لا يستطيعون الإرتقاء إليه. هناك شخصيات في النهضة هي مكسب حقيقي لمستقبل الديمقراطية في تونس. وهي، يا للصدفة، شخصيات مقموعة ومغضوب عليها من الزعيم وبطانته. لا أدري ماذا سيكون مستقبل تلك الشخصيات وأين سيكون موقعها في قادم الأيام، ولكن متابعة ما تقوله وتفعله وتكتبه ينبئك بشيء أساسي: أن الصراع من أجل الديمقراطية هو معركة الجيل الذي ينتمون إليه. ربما لم يحققوا ما يريدون، ولكنهم رفضوا أن يكونوا أتباعا حمقى في بركة "الزعيم التمساح" ! هذا مؤشر جيد للمستقبل.
  • 18 سبتمبر 2020