يرجى الانتظار ...

توقعات حول خطط الرئيس

توقعات حول خطط الرئيس

توقعات حول خطط الرئيس في نص سابق، كنت قد كتبت حول عناصر المعركة غير المتكافئة بين رئيس الجمهورية وحركة النهضة، ووضحت من خلال مؤشرات عديدة ومتواترة أن الصدام ليس في مصلحة النهضة بأي حال من الأحوال. هذه العناصر تزيد منذ استقالة حكومة الفخفاخ تأكدا، من خلال بعض المناسبات التي نشط فيها رئيس الجمهورية وخاصة منها ثلاث تصريحات: "تصريح الصواريخ"، وتصريح قيادة قوات الطلائع، وتصريح ملف السيارة. أي قارئ متوسط الفطنة سيستنتج أن الرئيس يحضر لهجوم واسع النطاق! بالموازاة مع الوضع السياسي العام المتسم بطابع الأزمة الشاملة، هناك وضعية دستورية خاصة تتسم بغياب المحكمة الدستورية، ما يجعل أي سلوك يتبعه الرئيس محتملا لمنسوب واسع من التأويل المعتمد على رأيه الشخصي. هذه وضعية غير مريحة للجميع، ما عدا الرئيس! هناك اتفاق على أن الإمكانيات المتاحة للرئيس مؤطرة بفصلين في الدستور: فصل حل البرلمان، وفصل الخطر الداهم. يمكن أن نطالب بحل البرلمان، ولكن الفصل يبقى غير ملائم لتحرك واسع للرئيس. الفصل المحبذ في هذه الوضعية هو فصل الخطر الداهم. وهذا الفصل خطير، فهو يؤدي واقعيا إلى تجميد كل فصول الدستور الأخرى تقريبا، حيث أن الوضع هو وضع خطر داهم مهدد لكيان الدولة برمتها. يمكن للخيال هنا أن يتجه حيث يريد...لا حدود في تقدير الوسائل التي تستعمل للقضاء على الخطر الداهم، ولا حدود حتى لتعريف الخطر الداهم، إلا كلام الرئيس الذي سيتوجه به وجوبا إلى الشعب. ربما اعتقد الرئيس أن فصل حل البرلمان غير مفيد، وربما اعتقد أيضا أن أي مشروع لتنقيح النظام الانتخابي كما يريده هو لن يمر في المجلس بتوازناته الحالية، بل ربما اعتقد خاصة أن أي انتخابات مبكرة قد تجعله دستوريا في مواجهة قوى فاشية مستفيدة من تلك الإنتخابات. ربما كانت هذه العناصر هي التي تدفع الرئيس دفعا نحو فصل الخطر الداهم. لست خبيرا في القانون الدستوري، ولا أعرف إذا ما كان تفعيل هذا الفصل يسقط آليا الآجال المتعلقة بالتكليف، وبالتصويت على الحكومة المرتقبة بعد تشكيلها. لكنني أعرف في المقابل شيئا هاما: أن فصل الخطر الداهم سيزيد في حدة السيف المسلط على البرلمان إذا ما قدم الرئيس له "حكومته الثانية"... لهذا المنطق استتباعات: لن يكلف الرئيس شخصية تقترحها الترويكا البرلمانية(نهضة-قلب-إئتلاف) مهما كانت النتائج السياسية لذلك. سيضرب الرئيس على الأرجح بفصل الخطر الداهم، في سياق مؤسساتي خاص، متميز بشلل البرلمان، ووجود حكومة مستقيلة لا تشارك فيها النهضة، وفي خضم جدل سيفتح قريبا حول طريقة تأويله للشخصية الأقدر. السياسة تقول أنه سيضرب في أكثر من إتجاه، وأن التغطية المطلوبة لهكذا ضربات متوفرة: إعلام غير منزعج، مزاج شعبي يضيق كل يوم ذرعا بأداء البرلمان، منظمة إجتماعية قوية في وضعية تحالف معه، وقوى سياسية أخرى ستدافع عن حق الرئيس في تأويل الدستور. فصل الخطر الداهم فصل شديد الخطورة، لكنه الفصل الوحيد الذي يسمح للرئيس بتدخل غير محدود في الوضع،وقد بدأ منذ مدة في تحضير المؤسستين الأمنية والعسكرية نفسيا لإسناد هكذا دور. علينا الآن فقط أن ننتظر بلاغ الرئاسة حول الخطاب الذي سيتوجه به الرئيس للشعب !
  • 22 يوليو 2020