يرجى الانتظار ...

الرئيس الذي يتكلم كثيرا

الرئيس الذي يتكلم كثيرا

الرئيس الذي يتكلم كثيرا: ملاحظات في التواصل عند قيس سعيد هناك ظاهرة تتفاقم لدى قيس سعيد، وهي ميله إلى إظهار نفسه، بمناسبة ودون مناسبة، في موقف الأستاذ الذي يعطي درسا لضيوفه. هذا الأمر يتكرر بصفة تصاعدية. في الصور والمشاهد الصامتة، التركيز على صورة اليد المرفوعة في مواجهة ضيفه هي أيضا تتكرر بصفة متفاقمة. في كلتا الحالتين، الضيف صامت، سواء كان محليا أو أجنبيا. في حالات قليلة يسمح له بالإدلاء بتصريح بعد اللقاء. لا يسمح للجميع بالإدلاء بتصريحات طبعا. في المقابل، هناك فارق واضح بين ما يقوله الرئيس شفويا، وبين البلاغ الذي يصدر لاحقا عن دائرة الإعلام في الرئاسة، وهذا ما وقع بالضبط لدى استقبال الرئيس البارحة سفير فلسطين. لا أشك لحظة في أن الرئيس يطلع على البلاغ قبل نشره، وربما صححة وأضاف إليه أو أنقص منه. المشكل هو موافقته على صيغة نصية لكلامه، مختلفة عما قاله هو شفويا قبل ذلك. نعم، هذه مشكلة، سياسية وأخلاقية وتواصلية. استخلاصي الأولي هو أن الرئيس متعطش للكلام، ولكنه محرج من دفع ثمن ذلك الكلام. الرئيس يتكلم ولا يستمع، وهو يحتاج للتأكيد في كل مرة أنه هو الوحيد الذي يجب أن يتكلم، وأن يعطي الدروس. هذا لا يسمى تواصلا. هذا السلوك يفترض، على المستوى التواصلي، أن الرئيس يضع نفسه في مواجهة ضيفه، وان عليه أن يحقق عليه انتصارا ما أمام الرأي العام الذي يستدعى، عن طريق عمليات المونتاج التي تقوم بها دائرة الإعلام بالرئاسة، كشاهد، ولكنه شاهد لا يستمع إلا للرئيس. هناك مشكل أخلاقي إذا في طريقة تعامل الرئيس مع ضيوفه الذين يفرض عليه الصمت. وهناك مشكل نفسي يتمثل في رغبة جامحة في إثبات الذات. وهناك مشكل سياسي وتواصلي في أن الرئيس يتكلم، ونادرا جدا ما يستمع !
  • 20 أغسطس 2020