يرجى الانتظار ...

هل أن قولنا بأن هذا الإنتقال قد بلغ مداه يعني أننا لا نؤمن بالديمقراطية

هل أن قولنا بأن هذا الإنتقال قد بلغ مداه يعني أننا لا نؤمن بالديمقراطية

هل أن قولنا بأن هذا الإنتقال قد بلغ مداه يعني أننا لا نؤمن بالديمقراطية؟ لا. نحن نؤمن بها، ولكن اليأس من أن ما يمارس اليوم هو الديمقراطية، من أن عملية الإحتيال الواسعة هذه ستسفر عما أراده الناس ذات ثورة، يجعل الحرص على الديمقراطية التي تخدم الناس وتستجيب لآمالهم، يمر حتما بفضح ما يمارس اليوم من احتيال يتدثر بالديمقراطية. نؤمن بالإنتخاب عندما يكون جزءا من منظومة كاملة ترسخ إرادة الناس ومراقبتهم لسياسات الدولة، وليس بالإنتخاب الذي يتحول إلى توكيل عام يستفيد منه "ممثلون" لا بخدمون في النهاية سوى مصالحهم الأنانية. نؤمن بالمؤسسات عندما تكون في خدمة الناس، وليس مجرد حصون في صراع لا مصلحة للناس فيه. نؤمن بالدستور الذي ينظم الحريات والحقوق والواجبات، وليس ذلك النص الذي يقع التعامل معه بانتقائية واحتيال والذي لم يعد سوى أداة أخرى يخاض به نفس ذلك الصراع. نؤمن بسلمية التداول على السلطة، وبتوازن المؤسسات وتكاملها، وبتجريم الوصول للحكم أو البقاء فيه بالعنف، وبحرمة أعراض الناس وحرياتهم ودمائهم. هل تتوفر في ديمقراطية اليوم هذه الأسس أو حتى مظاهرها الدنيا؟ لا! هذه منظومة احتيال على الناس واحتكار لقرارهم باسم الديمقراطية والمؤسسات، في حين أنه، فعليا، لا ديمقراطية ولا مؤسسات. هل يدفعنا ذلك للإنخراط في الدعاوي الشعبوية وميولها الفاشية؟ لا! هذه الدعاوي احتيال من نوع آخر ليس أقل سوءا. من يشك في ذلك عليه أن يقرأ جيدا تاريخ الشعوب الأخرى، وأن يفكر أكثر قليلا مما تعود عليه. البديل؟ سينضج من فشل المسار الحالي ومن الحائط الذي ستصطدم به في النهاية الدعاوي الشعبوية. هناك أثمان يجب أن تدفع قبل نضج البديل. هذه الأثمان هي أثمان الأخطاء والخطايا. سيأخذ الأمر مزيدا من الوقت، ما يكفي ليتضح أنه لا طريق من الطرقات المتصارعة اليوم يعد بالوصول. هذا ليس عبثا وليست عدمية. العبث والعدمية الحقيقيان هو انتظار أن يسفر الإحتيال الحالي واسع المدى باسم "إرادة الشعب" وباسم "الديمقراطية" (كما يمارسها الإنتقال) عن شيء قابل للقبول وللبقاء.
  • 04 مايو 2021