يرجى الانتظار ...

قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ

قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ

"قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ".... بغض النظر على مضمون سياسات التوافق وسياسة العصافير النادرة إلي اتبعتها النهضة منذ 2015، فإن هذه السياسات، دون استغراق في تحريك السكين في الجرح، لعبت أيضا بالدستور. كان واضحا جدا أن تلك التحالفات كانت إفراغا للدستور من كثير من الضمانات المكملة لمنظومته والضرورية لترسيخ منطقه، بالتحكم الحزبي في تركيبة المؤسسات المنبثقة عنه (مثل موضوع المحكمة الدستورية)، أو في وضع حد لمسار العدالة الإنتقالية وإجهاض مطلب المحاسبة (وضع حد لهيئة الحقيقة والكرامة والمرور بقوة لفرض قانون المصالحة) وإجهاض أي مساعي لترسخ الحريات (تجاهل مشاريع قوانين كثيرة مثل قانون منع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية). قد يكون ما فعله قيس سعيد إنقلابا، ولكنه إذا كان كذلك، فقد ركَّبه على انقلابات أخرى سابقة له على الثورة، وعلى الدستور، وعلى المؤسسات والحريات. كان هدف تلك الإنقلابات ترسيخ تحالفات النهضة مع المنظومة القديمة من أجل أن تقبل بها داخل الدولة، كمرحلة للتحكم فيها لاحقا منفردة، أي نوعا من الشراكة مع القديم قبل أن ترثه وتحل محله. لم تسع النهضة طيلة ةلفترة من 2015 إلى جويلية 2021 مطلقا لا لترسيخ الدستور، ولا الديمقراطية ولا الحريات. لقد كانت دوما القوة التي تدعم الميول الإستبدادية للحكومات المسنودة منها وغضت النظر عن الطلبات الإجتماعية للناس، معتبرة في كل تحرك احتجاجي مؤامرة من وراء الحدود للقضاء عليها واستئصالها (يجب أن نذكّر بالثلاثة آلاف معتقل في احتجاجات جانفي الماضي، في ثلاثة أيام فقط). من منطلق مضموني، لم يبق شيء أصيل واحد في الثورة وفي الدبمقراطية لم تنقلب عليه النهضة وحلفاؤها. كان المقتل هنا: في حالة الرفض المتنامية لدورها في الحكم، حيث لم تبق في أذهان الناس، منذ عشر سنوات، سوى مساوئ هذا الدور. هناك مشهد رمزي مهم في رؤية المدرعات أمام المجلس. في جانفي، عندما كانت الحكومة تخشى من إقتحام المحتجين للمجلس، وضعت المدرعات باهضة الثمن التي وقع توريدها على عجل (في الوقت نفسه كانت هناك صعوبات في توفير أموال لاقتناء التلاقيح) أمام سور المجلس. مساء 25 جويلية كانت المدرعات وراء سور المجلس، وكانت هناك هذه المرة لا لتمنع المحتجين من إقتحامه، وإنما لمنع النواب من التحصن داخله ومواصلة عزف نفس المقطوعة الأليمة والمثيرة للقرف. في نهاية الأمر، كانت أمتار قليلة فقط تفصل المدرعات عن موْقعيها، وستة أشهر من المعاناة الجماعية.
  • 21 يوليو 2021