سماء ملبدة بالغيوم والرؤية خمسة أميال
سماء ملبدة بالغيوم والرؤية خمسة أميال
بعد خمسة وأربعين يوما لم تتم فيها أشياء كثيرة، ليس أكثر منطقية من التقاط المتضررين من 25 جويلية انفاسهم ومرورهم إلى الهجوم. بغض النظر عن أي اصطفافات وعن أي تقيبم للمواقف، هذا أمر متوقع. التقاء الضغوط الخارجية مع الضغوط الداخلية، وكلاهما مستفيدان من غموض الرئيس ومراوحته مكانه، ستضاف إليه ضغوط حقوقية أخرى، وستضاف إليها أيضا ضغوط النخب الإقتصادية التي بدأت تشعر أنها مستهدفة.
كل حركة يقوم بها الرئيس اليوم سيقع تأويلها إما كتراجع أمام هذه الضغوط، أو كإصرار على الغموض وعدم أخذ الوقائع بعين الإعتبار. واقعيا، هذا يعني انكفاء. الرئيس اختار مواصلة الإنغلاق على نفسه، وشن حربه على النخب بمختلف أصنافها، دون حلفاء حقيقيبن، إذا استثنينا زخما شعبيا سيقع استهدافه بالدعاية المضادة له.
لست في وارد نُصحِ أحد، ولكنني ممن يعتبرون أن للأخطاء أثمانا تدفع أحيانا بالحاضر، وأحيانا بإمهال بسيط. أود فقط أن أسأل الرئيس: هل يعتقد أن مواجهة الجميع في الوقت نفسه أمر حكيم؟ وهل يعتقد أن توسيع دائرة الأعداء سياسة جيدة؟ النخب التي أعلن الرئيس حربه عليها لها حساباتها هي ايضا. الجزء الأكبر تأثيرا فيها أصبح يعتقد أن الرئيس قد أنجز بعدُ مهمته، وهي إقصاء النهضة. هذا يحتمل أنها ستشرع في إضعافه من الآن فصاعدا.
مجددا، لستُ في وارد إعطاء دروس لأحد في أي موضوع، أنا ألاحظ فقط وأحاول أن أفهم. أسأل الرئيس: هل تعتقد فعلا أنه بالإمكان المحافظة على زخم المساندة في الشارع دون أن يرى الناس مؤشرات سياسة إجتماعية، توجه إجتماعي، نوع من الإشارات توضح للناس أن الموقف من الفساد ليس مجرد موقف أخلاقي، بل موقف فلسفي ينطلق من إدراك متقدم لعمق الصراع الإجتماعي.
ستنجح النخب الإقتصادية (التي تشعر بالخطر) في تأليب الناس. هذه مهنة تتقنها جيدا، ومنذ دهور. تأثير هذه النخب فعّال وأكيد، وإن لم يبدُ في معظم الأحيان بالعين المجردة. هذه النخب لا تحسن فقط تأليب الشارع بتجفيف السوق، بل هي تحسن بصفة خاصة جمع الأعداء وإجبارهم على توحيد مجهودهم. إعطاء الرئيس إشارات لسياسة إجتماعية هو ما يمكن أن يحد من نجاعة ذلك اامجهود، ويضمن استمرار استناده على الزخم الذي يركب موجته منذ خمسة وعشرين جويلية.