Veuillez patienter ...

الصراع السياسي في جوهره صراع على اجتذاب الجمهور الذي يحكم بالظواهر

الصراع السياسي في جوهره صراع على اجتذاب الجمهور الذي يحكم بالظواهر

الصراع السياسي في جوهره صراع على اجتذاب الجمهور الذي يحكم بالظواهر. الجمهور الحذر ليس هدفا لأحد. كل مجهود الدعاية والدعاية المضادة يستهدف إذا ذلك الجمهور، والنتيجة معروفة: ما نتحصل عليه بعد كل انتخابات. هذا الجمهور لا يحكم بالظواهر فقط، ولا يسلم نفسه للدعاية التي تؤثث يومه فقط، بل إنه شديد التقلب، شديد المزاجية. لذلك فإن رعايته بدعاية يومية أمر شديد الأهمية: يجب أن يبقى تحت السيطرة حتى يوم الانتخابات! أما الجمهور الحذر فهو ليس عدو الدعاية فقط، بل عدو الجمهور المستسلم أيضا: الأغلبية لا تريد من يزعجها. تحتاج أن تحسم أمرها بسرعة لتعود إلى مشاغلها. المشكل أن تلك المشاغل نفسها مسيطَرٌ عليها بالدعاية الثقافية (الترفيه) والتجارية (الإشهار) والأخبار التافهة التي تقدم للجمهور بانتظام ويستهلكها بجشع. هذه هي الديمقراطية التي نتصرف فيها اليوم. في الحقيقة، الأمر لا يتعلق بديمقراطية في المطلق، بل بديمقراطية تسيطر عليها الدعاية ويهيمن فيها الجمهور المستسلم. أي تشكيك في ذلك يقابل بالنفخ في خيارات الشعب، وبالحط من مكانة النخب، وبتأليه الممارسة الانتخابية وحصر الديمقراطية في عملية الاقتراع وصفوف المقترعين الطويلة. المنظومة التي تنتج الدعاية هي نفس المنظومة التي تسيطر اليوم على هذا النوع من الديمقراطية وتسعى لحصرها في تلك الحدود التقنية. استعداء النخب هو جزء صميم في خطة استدامة نموذج الديمقراطية التقنية والشعبوية. ديمقراطية اليوم هي ببساطة ديمقراطية المنظومة بالشعب المستسلم لدعاية المنظومة.
  • 20 juin 2020