Veuillez patienter ...

التحالف نهضة

التحالف نهضة

التحالف نهضة-قلب تونس: تفرقوا! ليس هناك أي لغز ! التحالفات في الساحة السياسية أمر مشروع، طالما احتاجت الأحزاب مثلا للقيام بها لضرورة الحكم، أو لضرورات استقرار الحكم. أما أخلاقية التحالفات، والشبهات التي تفوح من بعض صفقات التحالف السياسي، فهذا موضوع آخر. كيف نستطيع أن نفهم، بعقل جامد، ودون أخذ الجوانب الأخلاقية بعين الإعتبار، التحالف القائم بين قلب تونس والنهضة؟ ولماذا تبدو النهضة مصرة على إبداء حسن نواياها تجاه قلب تونس إلى حد ذهابها في إسقاط الحكومة، من أجل "عيون القلب"؟ في المقابل هل يمكن أن نفهم، من خلال عدد من سلوكات قلب تونس أن هناك مساومة للنهضة، وضغطا عاليا، بل ابتزازا، حدد في جانب كبير خارطة طريق النهضة في الأشهر الأخيرة، بما فيها في موضوع الحكومة؟ لنحدد بعض أمثلة ابتزاز قلب تونس: لم يعط قلب تونس للنهضة سوى هدية واحدة (انتخاب رئيس المجلس)، لكنه في المقابل ساهم في إسقاط حكومة الجملي (لاحظ أن النهضة هاجمت كل من ساهم في إسقاط الجملي، ما عدا قلب تونس)، وأمضى في معظمه لائحة عبير موسي، وصعّد في بعض المنعرجات خطابيا ضدها وبطريقة بالغة القسوة (أثار حتى موضوع التحالفات الإقليمية للنهضة)، لكنه لم يدخر جهدا (هل هذه صدفة؟) في مساعدتها على إسقاط حكومة الفخفاخ، واستثمار ذلك، ثم الظهور في مظهر الراغب في تهدئة الوضع، وأعلن مد يده للجميع. الأمر لا يتعلق بأي لغز، بل هو نتاج منطقي لوضعٍ عناصرهُ الأساسية واضحة. المشكل في التحليل السياسي هو دائما زاوية النظر، وفي معظم الحالات يترك كثيرون الزاوية التي تسمح برؤية أفضل لما يحصل، ويتجهون عوضا عن ذلك للنقاش في التفاصيل، بما في ذلك "الأخلاق السياسية". أحد العناصر الأساسية، والمركزية، في العلاقة بين الطرفين هو الدستوري الحر. منذ أشهر، بدأ هذا الحزب في عملية ابتلاع بطيئة لقواعد قلب تونس، واستطاع فرض نفسه كمجمع لكل من يعتقد أن النهضة يجب أن تكون في أفضل الحالات، في المعارضة. هناك السياسة العليا، والسياسة السفلى. هذا الموضوع هو بالنسبة للنهضة قضية سياسة عليا. سياسة أعلى من مصير حكومة شاركت فيها، عدديا على الأقل،أكثر من غيرها. سياسة أعلى أيضا من النظرية التي تقول أن التحالف الحكومي ينشأ ليبقى أطول فترة ممكنة. بين العليا والسفلى، أنشأت النهضة قاعة انتظار، وهو الترويكا البرلمانية، حيث يأخذ قلب تونس قسطا من الراحة في انتظار أن يستدعى للمشاركة في أول حكومة ممكنة قادمة. إطلاق مسار إسقاط الحكومة، والتسريع فيه، كان نتاجا لمعطيات سبر آراء وصلت لأصحاب القرار الحزبي قبل أسابيع من نشرها للعموم. هذه معلومة. كانت الأرقام مثيرة فعلا للانزعاج: تواصل ذوبان قلب تونس، تواصل صعود الدستوري الحر، تراجع نسبي للنهضة. أصبحت القيادات الحزبية أكثر عقلانية من الأنصار في التعامل مع أرقام سبر الآراء، فقد تعلموا ألا يتجاهلوها. الخلاصة إذا واضحة: يجب أن يغادر قلب تونس قاعة الإنتظار في الترويكا البرلمانية، أن يحصل على مواقع في الحكومة، أن يشارك في التعيينات، أن يحصل أبناؤه على مناصب، أن يستعيد قواعده من خلال المشاركة في الدولة ، وأن يكون قادرا على تقديم خدمات لهم. طول مدة البقاء في قاعة الإنتظار يعني تواصل ذوبان الحزب، وتواصل صعود الدستوري الحر، هذا في الحد الأدنى. الحد الأقصى هو ثورة غضب في قلب تونس توصله إلى الإبتزاز الأقصى ببناء نوع من التحالف مع الدستوري الحر (لنتذكر لائحة عبير فقط، كانت قرصة صغيرة). عجز النهضة عن إخراج قلب تونس أخيرا من قاعة الإنتظار، بالمماطلة في إسقاط الحكومة، يعني أن الأمور تتحول نحو فقدانها القرار في منظومة الحكم، وأن قلب تونس قد يبحث عن شريك آخر أكثر "شوكة" منها...هذا سيء...ولا شيء يمنعه سوى التسريع بإسقاط الحكومة، ولو كانت النهضة أغلبية فيها، وخلق دينامية جديدة. في الخلاصة موضوع الفساد الذي يتهم به قلب تونس مسألة ثانوية جدا في حسابات "السياسة العليا" لدى النهضة. يمكن للجميع أن يصرخ حول الفساد إلى مطلع الفجر، يمكن للجميع أيضا أن يبحث عن تناقضات الخطاب النهضوي الرسمي إزاء هذه النقطة، لن يغير ذلك شيئا من مقتضيات السياسة العليا. في الوقت نفسه، تضارب مصالح الفخفاخ أو فساده، هي سياسة سفلى. إسقاط حكومة تدفع بقلب تونس دفعا نحو الدستوري الحر، هي نقطة الربط بين السياسة السفلى وتلك العليا !
  • 19 juillet 2020