Veuillez patienter ...

ملاحظات بسيطة حول وضعية معقدة

ملاحظات بسيطة حول وضعية معقدة

ملاحظات بسيطة حول وضعية معقدة عبارة "انتقال ديمقراطي" أصبحت تعني ببساطة تأخير أية اصلاحات. التنوع السياسي جميل، برغم المخاطر التي يفجرها من حين لآخر تصاعد التناقضات. طيب، هذا أمر متفق عليه في سياق ديمقراطي. ثم ماذا بعد؟ تأخير الاصلاحات يعني، ببساطة أيضا، تعميق الأزمة، بوجوهها المتعددة، وتلغيم المستقبل بجعل هذه الأزمة غير قابلة شيئا فشيئا للتجاوز. هناك طاقات تنتظر التفعيل، وإمكانيات هائلة، تنتظر أن تتحرر. هذه الطاقات والإمكانيات ليست بالضرورة الغاز والملح، بل هي بالذات الأفكار. كل شيء يبدو معطلا، ولا شيء يعد، في السياق الحالي وبالطريقة التي تمضي بها الأمور، بشيء! تأخير الإصلاحات، هو الوجه الآخر، والحتمي، للتأخير في مناقشة هذه الإصلاحات. الأحزاب المعنية أكثر من غيرها بتشكيل الحكومة على سبيل المثال، وفيما عدا بعض الأدبيات الفضفاضة، لا ترغب في مناقشة شيء، لأن برنامجها هو ببساطة مواصلة إدارة الأمور بنفس الطريقة التي أديرت بها حتى الآن. تشكيل الحكومة، الذي يجب أن يخضع في سياق عادي، إلى منهج يقوم بالذات على برنامج إصلاحي، يغرق في مستنقع الأسماء والتوازنات بين الأحزاب، وخاصة داخلها. هذا ليس جيدا ولا يعد بشيء جيد. اقتراح شخصية لتشكيل حكومة، ينطلق، في سياق وطني مأزوم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، إلى نظرته لتلك الأزمات، وبرنامجه في مواجهتها وتجاوزها، أو حتى الحد من انعكاساتها. نرى اليوم كل شيء، سوى ذلك المطلوب ! عندما يقول رئيس الحكومة أن برنامج الحكومة المقبلة ستصوغه لجنة تقنية، يصبح من غير الممكن فعلا انتظار شيء ! كل شيء مستعجل، وكل شيء يتطلب الشروع في العمل، في توفير الظروف لتفجير الطاقات المعطلة وتجميع الإمكانات المهدورة في صعيد واحد، ولتحقيق ما هو محل إجماع، لأنه مطلب الجميع، لكنهم في مكان آخر مهتمون بأشياء أخرى. القضية ليست فقط في من طلب منه تشكيل الحكومة، بل هي أساسا في المنطق العام الذي يدار به الشأن العام، وفي المنهج الذي سيعترف لو سألته بأنه خاطئ، ولكن أصحابه مصرون عليه. هناك نقطة حساسة جدا في عالم السياسة، وهي ما يمكن تسميته بالمنعرج نحو الأسفل. هذه النقطة تبدأ عندما تتغلب الممارسات التكتيكية على الأهداف الكبرى، فتصبح تلك الممارسات هي التي تحكم الخط المسيطر على الممارسة العمومية. اليوم، هذه الممارسات التكتيكية تتعلق أساسا بإدارة الأزمات داخل الأحزاب، وفيما بينها. ما يعني أن الشأن الخاص هو الذي يُطلب منه تسيير الشأن العام. هناك أسئلة بسيطة يمكن لكل حكومة، مهما كانت تركيبتها، أن تجعل منها برنامجا إصلاحيا، شرط ربطها ببعضها البعض، وتقديم إجابات متناسقة ومتكاملة عنها. أقول بسيطة لأنها أسئلة تصرخ في وجه الجميع بنفس الحدة، بغض النظر عن الإيديولوجيا أو اللون أو التموقع: ماذا سنفعل تجاه هجرة الكفاءات ونزيف الشباب؟ ماذا سنفعل تجاه هذا التعويل المتزايد على التداين؟ ماذا سنفعل تجاه تدهور البيئة؟ ماذا سنفعل تجاه المؤسسات العمومية؟ ببساطة ماذا سنفعل تجاه كل هذا النزيف؟ كل نزيف هو حالة استعجالية. للأسف، يُترك المصاب وهو ينزف من كل موضع، بينما يمضي آخرون شهرا في شرب الشاي وكأنهم في كوكب آخر. هذا،في أدنى توصيف، أمر محبط !
  • 11 décembre 2019