Please wait ...

حول الإطاحة بالغنوشي من رئاسة المجلس

حول الإطاحة بالغنوشي من رئاسة المجلس

حول الإطاحة بالغنوشي من رئاسة المجلس: نص لن يعجب أحدا ! من البديهي أن الإطاحة بحكومة الفخفاخ، والإرهاصات التي سبقته والتي أدت لانهيار الثقة بين الإئتلاف المكون لها، واضطراب عمل المجلس، وأداء رئيس المجلس، كلها عوامل أدت إلى أن مسار الإطاحة برئيسه قد دخل منعرجا حاسما بجلسة سحب الثقة المبرمجة ليوم الغد. من البديهي لكل من يحسن قراءة التحركات في البرلمان وخارجه، والتصريحات متصاعدة الحدة التي بلغت أحيانا درجة الإستغاثة، أن يلاحظ تقهقر يقين كتلة النهضة وأصدقائها في قدرتهم على منع الإطاحة بالغنوشي، خاصة مع ظهور بوادر فقدان القروي للسيطرة على كتلته، وكل تحركات الكواليس الأخرى. لا أدري كيف سينتهي تصويت الغد، ولكنني أعرف أن جغرافية الكتل، والتحالفات، لن تكون بعده كما كانت قبله. أكثر من ذلك، لن تقف الإرتدادات داخل حدود المجلس فقط بل إنها ستمتد لتمس العلاقة بالرئاسة، وستلقي بظلالها على مشاورات تشكيل الحكومة، على تركيبتها، والتصويت لها، وعلى أدائها بعد ذلك. كل هذه العوامل تجعل تصويت الغد أبعد ما يكون عن الحدث التفصيلي العابر. ما أعرفه أيضا، أنه في السياسة، مثلما هو الأمر في المعارك الحربية، يجب أن تترك دائما منفذا لخصمك (أو عدوك)، وأنه في لحظة ما سيتوجب عليك أن تفهم أنك ستكون مجبرا، في المستقبل، على التعامل معه (اللهم إلا إذا كنت تريد إبادته). في لحظة ما أيضا سيتوجب عليك، مهما كانت درجة انفعالاتك، أن تفكر في اليوم الموالي، وفي السنة الموالية، والعقد الموالي. معارك اليوم يمكن أن تكون سببها أخطاء الأمس، مثلما أن معارك الغد يمكن أن تكون سببها أخطاء اليوم. لا أدري إن كان سياسيونا يطالعون، ولكن أعرف أن عاملا هاما مفسرا لتعثر السياسة في بلادنا اليوم يقع هنا. يمكن أن أكتب مجلدا في النهضة، في أخطائها، تنكرها لكل مبدأ جميل، متاجرتها بكل شيء، غرورها، تعطشها للسيطرة، تفجيرها للأحزاب (صديقة وشقيقة) بزرع أبنائها داخلها في انتظار اللحظة المناسبة، إبداعها في فقدان أصدقائها، تشويهها لكل من ينقدها أو يختلف معها إلخ إلخ... يمكن أن أكتب ذلك المجلد إنطلاقا من كثير من الزوايا، ولكنني لن أفعل اليوم. سيكون مخرجا مشرفا للجميع أن لا يسقط الغنوشي بالتصويت، ثم أن يستقيل من رئاسة المجلس طوعا بعد التصويت. لا أملك من الأمر شيئا غير التنبيه: هزم الخصم أمر مقبول، لكن إهانته وإذلاله سيشعل رغبات لن يطفئها لاحقا أي شيء. لا يهمني كثيرا من يرأس المجلس، ولكن يهمني أن يشتغل المجلس. سيقول بعضهم أنه ليس من حق أحد أن يشترط إخراج الغنوشي من رئاسة المجلس ليعود هذا الهيكل لنشاطه. أنا أوافقهم تماما، ولكنني أضيف، أنه ليس من حق أحد أن يجعل نرجسيته تطغى على وجوب أن تعود المؤسسة، في هذه الفترة بالضبط، لنشاطها الإعتيادي كمؤسسة مركزية في المنظومة الدستورية الحالية. أريد أن أسأل بعض الكتل، وبعض الأحزاب، التي تدخل المعركة من باب الإنفعالات، ومحاولة رد اللطمة، والتي تنسج في سبيل ذلك كل أنواع التحالفات، حلالها وحرامها: وأنت تقومين بعمليات الجمع والطرح والقسمة، هل يتضح لك بقدر معقول من الوضوح أن "الإنتصار" سيحتسب لغيرك، وأن ذلك "الغير" لن يترك لك منه ولو الفُتات؟ وأنتِ تقومين بهذا الجهد الخارق، هل تراءى لك بحد أدنى من الوضوح أن ربطة عنقكِ قد دخلت بعدُ في تُرُوس المحرِّك، وأن يدكِ ستتبعها في ذلك، ثم عنقكِ، ثم كامل جسمك... وأن ما سيبقى منك في النهاية هو مجرد دخان تذروه الرياح؟!
  • 29 July 2020